مصطفى حسن المحامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


المحامين العرب مجموعة أنشئهاالاستاذ/مصطفى حسن المحامى من اجل الترابط والتواصل الفكرى والمعلوماتى بين المحامين العرب من كافة الدول العربية الشقيقة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
قضايا القضاة ووكلاء النيابة Labels=0
مصطفى حسن لاعمال المحاماة للاتصال :-01113060263

 

 قضايا القضاة ووكلاء النيابة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصطفى حسن
Admin
مصطفى حسن


عدد المساهمات : 709
تاريخ التسجيل : 11/09/2007
العمر : 54
الموقع : www.lawyerarab.4t.com

قضايا القضاة ووكلاء النيابة Empty
مُساهمةموضوع: قضايا القضاة ووكلاء النيابة   قضايا القضاة ووكلاء النيابة Icon_minitime1السبت سبتمبر 15, 2007 10:43 am

Arrow



قضايا القضاة ووكلاء النيابة Hassad.362673

* استقلال بحكم الثقافة .. لا القانون
* كيف تطورت علاقة القضاء بالسلطة في مصر منذ 1882 حتى اليوم
* طارق البشري*
* تموج في مصر منذ اشهر مواجهات علنية عنيفة بين السلطة القضائية والحكومة المصرية، ووصلت حدة الشقاق بين القضاة والحكومة الى مستوى لم تشهده مصر منذ عقود طويلة. فما هي أسباب هذه المواجهات؟ وما تأثيرها على الحياة السياسية في مصر؟ «الشرق الاوسط» تفتح ملف المؤسسة القضائية في مصر وعلاقاتها بالسلطة لتلقي الضوء على اجوبة لبعض هذه الاسئلة. يكتب اولا «شيخ القضاة المصريين» المستشار طارق البشري عن تاريخ القضاء في مصر، تقنينات اخذت بالأساس من التشريعات الاوروبية. لكن نظام المحاكم الاهلية نما بسرعة نسبية، وما أسرع في انمائه انه ظهر في بيئة ثقافية وحضارية تعطي للتعليم والقضاء والتشريع نوعا من التوقير والقداسة تنحدر من الثقافة الاسلامية السائدة، حتى لدى من يصدرون عن مرجعية وضعية. ونحن نذكر كثرة اطراد الحديث على الالسنة في الاجيال السابقة عن اسباغ وصف القداسة على قاعة التدريس وقاعة التشريع وقاعة القضاء. في هذه الفترة وحتى ثورة 1919 لم يكن ثمة نظام دستوري حقيقي يكفل للقضاء استقلاله المؤسس. ولكن كان قدر الاستقلالية المتاحة ينبع من هذا الشكل الثقافي الذي احاط به في العقول والقلوب، وفيما عرف القضاء من قضاة كبار مثل سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وقاسم امين وغيرهم، ممن كان لهم اثر كبير من بعد في الحياة الثقافية والسياسية.
قامت ثورة 1919 بمصر لتحقيق الاستقلال عن الاحتلال البريطاني ولانشاء حكم ديمقراطي يقيد سلطات الملك، ونجحت نجاحا كبيرا، لكنه لم يكن كاملا، اذ وضع دستور 1923 ليمثل صيغة توازن بين القوى السياسية والاجتماعية للحركة الوطنية الديمقراطية وبين القوى المستندة الى الاحتلال والملك. ونص الدستور على استقلال السلطة القضائية، وصار الحكم يتداول بين هذه القوى لمدة ثلاثين سنة تلت. وعلى طول هذه المدة اجريت عشرة انتخابات للمجلس النيابي (البرلمان)، وشكلت وزارات تتداول الحكم، كان متوسط عمر الواحدة منها لا يجاوز عشرة اشهر، واطول عمر لوزارة واحدة نحو سنتين ونصف.
وكان القضاء المصري ساعتها يكسب استقلاله من ذلك الاحتضان الثقافي السابق ومما ارسته شخصيات كبيرة من تقاليد، ثم زاد من ذلك هذا التوازن السياسي بين المؤسسات الاساسية التي عرفتها البلاد بعد ثورة 1919. فمثلا كانت لوزارة العدل (الحقانية سابقا) سلطات في تعيين القضاة ونقلهم وغير ذلك، ولم يصدر «قانون استقلال القضاء» الا في سنة 1943، ولكن وزارة العدل تداول على رئاستها 38 وزيرا في ثلاثين سنة، بمتوسط اقل من عام لكل وزير. وكان من يعين وزيرا للعدل عادة اما من القضاة السابقين الذين يشعرون بسابق انتمائهم الى القضاء، واما من المحامين الحزبيين الكبار ممن يدركون جيدا انه لن يمضي عام او عامان الا ويكونون وقوفا امام المحاكم يدافعون عن حريات احزابهم وحقوق ذويهم. ومما له دلالته هنا ان من اصدر قانون استقلال القضاء سنة 1943 كان محاميا لم يتول القضاء قط وكان امينا عاما لحزب الوفد هو محمد صبري ابو علم.
كان دور القضاء في هذه المرحلة ان يساهم في حفظ التوازن بين القوى الاجتماعية والمتباينة في قضايا الحريات والحقوق العامة، وذلك فضلا عن تسيير شؤون الناس في معاملاتهم اليومية. وكان الغالب من احكام المحاكم ان ينتصر للشرعية والديمقراطية والحريات والحقوق العامة في تفسيره وتطبيقه للقانون. وفي الاربعينات اكتمل لسلطان القضاء المصري شموله بإصدار قانون استقلاله، وبانشاء «مجلس الدولة» الذي اخضع قرارات الحكومة وسلطاتها للرقابة القضائية لأول مرة، وكذلك بإلغاء المحاكم المختلطة التي كانت تحكم في قضايا الاجانب. وفي الاربعينات ايضا احتدم الصراع الوطني الديمقراطي، ونحن نلحظ ان القضاء، بحسه عن العدالة ومن موقف الاستقلال وبايمانه برسالته، كان الغالب من احكامه في قضايا الصحافة والنشر الحكم بالبراءة، كما كان الكثير من احكامه في قضايا الاغتيالات السياسية خلال الاحتلال الانجليزي الحكم بغير الاعدام، بمراعاة ما اعتبره ظروفا مخففة مراعاة لان الدافع السياسي يميز مرتكب الجريمة عن مجرمي السرقة وما شابه، نلحظ ذلك في قضية قتل المستشار احمد الخازندار 1948 رئيس محكمة الجنايات انذاك، وقضية مقتل امين عثمان 1946 الذي كان وزيرا للمالية في وزارة الوفد السابقة، وقضية تفجير سينما مترو وغيرها. كما ان مجلس الدولة كان يصدر احكامه بالغاء قرارات مصادرة الصحف وقرارات اعتقال السياسيين وغيرها. وجرى ذلك بغير اشتغال بالسياسة، وبالالتزام الصارم بالأطر القانونية ومناهج التفسير الفقهي وضوابط تحقيق الوقائع. لكن عندما قامت ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، وكانت ثورة وطنية غير ديمقراطية، شكلت نظام حكم على هذه الصورة من طرفيها. وصارت هي «القوة السياسية الوحيدة»، وانشأت تنظيما سياسيا وحيدا وجمعت سلطات التغيير والتشريع كلها، واتبعت سياسات وطنية وتنموية وذات طابع يراعي العدالة الاجتماعية في التوزيع. وبالنسبة للقضاء، فإنه باستثناء بعض اجراءات اتخذها مجلس الدولة ومنها اخراج الدكتور عبد الرازق السنهوري من رئاسته، واهتمام الحكومة بتعيين من يتولى منصب النائب العام، باستثناء هذين الأمرين، لم تتدخل الحكومة في صياغة مواقف رجال القضاء ولا في الضغط على ارادتهم، انما اتخذت طريقا آخر هو اصدار قوانين تقنن وتتيح ملاحقة افراد على خلفية مناقشة او التدخل في موضوعات معينة تراها الثورة ذات أثر سياسي مباشر عليها مثل مسائل الجيش ومشروع الإصلاح الزراعي، وكذلك انشاء محاكم عسكرية او خاصة من غير القضاة لمحاكمة الخصوم السياسيين للنظام، مثل محكمة الشعب ومحكمة الثورة وغيرها. لذلك فقد انتقص من مجال القضاء وجوه نشاط للدولة لم تعد تعرض عليه وتشملها ولايته القضائية، ولكن ما بقي له من اختصاص وهو كبير يتعلق بكل الشؤون اليومية والحياتية للناس ومعاملاتهم وأنشطتهم، بقي في الاساس بعيدا عن تأثير الحكومة وتدخلها، وبقي القضاء ينظرونه بما اعتادوا عليه بموجب تربيتهم والثقافة المهنية، بقي الغالب منها كما هو ينتقل من جيل الى جيل. وكان عبد الناصر من القوة السياسية بحيث كان يتخذ مواقف صريحة في تشكيلة محاكم خاصة بعيدا عن العمل العادي للقضاء.
استمر الوضع كذلك حتى وقعت هزيمة سنة 1967 فأضعفت النظام السياسي وهزت مصداقيته، وبدأت المعارضة السياسية من كل اتجاه تظهر وتعبر عن نفسها، وصار النظام السياسي في ضعفه مما يصعب عليه منع التقاضي او انشاء محاكم خاصة، وصار احوج للقضاء العادي اذا ضمن ولاءه له. فبدأ تفكير الحكومة في ضم القضاء الى تنظيم الاتحاد الاشتراكي وفي انشاء محاكم يشارك فيها غير القضاة ممن تختارهم الحكومة. وقد وقف القضاء ضد هذه المحاولات وأصدرت الجمعية العامة لنادي القضاة بيانا في 28 مارس (آذار) 1968 يعترضون فيه عليها. ثم جرت انتخابات النادي فانتصرت قائمة المرشحين لمجلس ادارته من الجانب المتمسك بالاستقلال على قائمة مرشحي الحكومة. وجرت في اغسطس (آب) 1969 ما سمي بمذبحة القضاء اذ صدرت قوانين طرد بموجبها 200 من رجال القضاء من وظائفهم.
وعند تولي أنور السادات حكم مصر، قاد اكبر حركة للعدول عن السياسات التي كانت متبعة في عهد جمال عبد الناصر، ورأى ان ما يكسبه الشعبية والتميز لا ان يتنافس مع عبد الناصر في مجال انجازاته ولكن ان يفعل النقيض، فيضمن في يوم وليلة ان يلتف حوله كل من كان معارضا لعبد الناصر من قوى سياسية. وكانت «مذبحة القضاء« لا تزال تخيم على البلاد، فما لبث السادات ان وجد فيها مظهرا جوهريا للعدول عن سياسات سلفه، فأعاد القضاة المفصولين تدريجيا، ثم أصدر عددا من القوانين بإلغاء منع التقاضي وشمول المحاكم كل اختصاصها القضائي. ولكن القانون الذي صدر وقتها بتنظيم السلطة القضائية وهو القانون 46 لسنة 1972 وما بعده متعلقا بتنظيم مجلس الدولة وهو القانون 47 لسنة 1972، تضمن أولا استمرار سلطات وزارة العدل على شؤون القضاء، بقي التقسيم الفني على القضاء تابعا لوزارة العدل، وبقي وزير العدل مشاركا في تعيين رؤساء المحاكم وغير ذلك من السلطات. المهم ان سلطات وزارة العدل بقيت، وهى ان كانت عرفت من قبل عهد ثورة 23 يوليو، الا ان اجهزة التنفيذ قديما لم تكن من القوة بمثل ما صارت اليه. ان السلطة التنفيذية قويت وازدادت جبروتا بعد 23 يوليو، وبقيت كذلك في عهد السادات، والسلطة الفردية استمرت، ووزراء العدل مثلا صار الواحد منهم يمكث في عمله ما يزيد على خمس عشرة سنة يفكر ويدبر ويبتدع اساليب السيطرة وسوابق التحكم وطرائق النفوذ بأجهزة رئاسية هرمية ذات خبرات متراكمة. من جهة اخرى بقيت الحكومة متمسكة بسلطتها في تشكيل محاكم عسكرية لمحاكمة المدنيين من خصومها السياسيين. وأبقت حالة الطوارئ مفروضة على مصر كلها منذ اغتيل السادات في اكتوبر (تشرين الاول) 1981 حتى اليوم، بما يتيح امكان المحاكمات العسكرية وما يتيح لها القدرة على الاعتقال وإصدار القرارات الاستثنائية دون حاجة لتدخل القضاء التقليدي.
ولكن ظهرت امام الحكومات مشكلة جدت عام 2000 اذ حكمت المحكمة الدستورية بعدم شرعية تشكيل أي مجلس نيابي منتخب لا يكون اعضاء الهيئات القضائية هم من اشرف على كل لجانه الانتخابية ومراحل الانتخابات. فبدا لزوم هذا الاشراف، ولم يقبل غالبية رجال القضاء بان يمارس عليهم أي ضغط في ممارسة هذا الاشراف بحياد ونزاهة، مما صعد من المواجهة بين القضاء وجهات ادارة الدولة مثلما نشاهد الآن.
* مستشار قضائي ومن أبرز المؤرخين المصريين
* الحرية شكلا.. لا مضمونا
* عندما قررت الحكومة إشراف القضاة على الانتخابات.. فتحت الباب لمواجهة غير محسوبة
* د. يحيى الجمل *
* تمتع القضاء في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين بهيبة واحترام وتوقير لدى الرأي العام المصري بكل طوائفه حتى قبل أن توجد قوانين منظمة للسلطة القضائية ولذلك أسباب تاريخية واجتماعية. فقد نشأ القضاء الحديث في مصر في أعقاب الاحتلال البريطاني مباشرة وقبل الاحتلال كانت المحاكم الشرعية هى محاكم القانون العام أو هي صاحبة الولاية العامة وكانت تحكم بمقتضى مجلة الأحكام العدلية الصادرة في ظل الدولة العثمانية والتي كانت تعتمد على أرجح الآراء في مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان. وظل الحال على هذا النحو إلى أن صدر دستور 1923 ونص صراحة على استقلال القضاء وعلى أنه لا يجوز لأي سلطة التدخل في عمل القضاة. وأحال الدستور إلى القانون العادي لكي يُنظَم الأمر كله. ولكن ذلك القانون الذي نص عليه الدستور عام 1923 تأخر أكثر من عشرين عاماً إلى أن صدر أول قانون للسلطة القضائية في عهد حكومة الوفد التي شكلت بداية 1942. وعندما كان مصطفى النحاس باشا رئيساً للوزراء وصبري أبو علم باشا وزيراً للعدل. وهذا القانون هو أول قانون يضع أحكاماً تفصيلية لتنظيم مرفق القضاء ولضمان قدر كبير من استقلال رجال القضاء. ولكن وكما قدمنا كان القضاء الأهلي ـ أسوة بالقضاء المختلط ـ يتمتع في الواقع العملي وبغير نصوص بقدر كبير من الاحترام والتوقير والاستقلال. وقد أدى إنشاء محكمة النقض والإبرام عام 1930 وتعيين عبد العزيز باشا فهمي رئيساً لها إلى مزيد من هيبة رجال القضاء واستقلالهم. والحقيقة هي أن هذه الفترة شاهدت كثيراً من الأحكام القضائية التاريخية التي أرست العديد من أصول الحريات ووضعت جذور مبدأ المشروعية الذي هو إحدى دعامات سيادة القانون في الدولة الحديثة. وبعد أن صدر قانون السلطة القضائية الأول عام 1943 شعر القضاة بمزيد من الطمأنينة والاستقلال عن السلطة التنفيذية ووضع كادر خاص لمرتباتهم ميزهم عن غيرهم من موظفي الدولة بشكل واضح. وقد يحسن هنا أن نذكر حادثتين لهما دلالة على أوضاع السلطة القضائية في الفترة التي نتحدث عنها، واحدة من هذه الأحداث وقعت في أوائل الثلاثينات عقب إنشاء محكمة النقض والأخرى وقعت بعد صدور قانون السلطة القضائية الأول. أما الحادثة الأولى فكان بطلها عبد العزيز فهمي باشا، إذ فوجئ وهو في سيارته متجهاً إلى محكمة النقض يقرأ الجرائد، بأحد أعضاء مجلس النواب يسأل عن مرتب رئيس محكمة النقض وكيف يتساوى مع مرتب الوزير، وما إن قرأ عبد العزيز فهمي هذا الخبر حتى قال لسائقه لا تذهب إلى المحكمة واذهب بنا إلى قصر عابدين وطلب مقابلة الملك، ولما قابله رئيس الديوان الملكي أخبره عبد العزيز فهمي أنه يريد أن يقدم استقالته لأنه اعتبر السؤال عن مرتبه من عضو البرلمان تدخلاً في السلطة القضائية. والحادث الآخر الذي وقع بعد أول قانون للسلطة القضائية تمثل في أن وزير العدل آنذاك زار محكمة استئناف أسيوط ووجد العمل منتظماً كأحسن ما يكون، فلما عاد إلى القاهرة كتب خطاباً لرئيس المحكمة يعبر فيه عن شكره له ولمستشاري المحكمة فما كان من رئيس المحكمة إلا أن رد للوزير خطابه قائلاً أرجو أن تقبل اعتذاري عن عدم قبول خطابكم لأن الذي يملك الشكر يملك اللوم، ووزير العدل لا يملك لوم القضاة. إلى هذا المدى الرفيع وصل قضاة مصر في يوم من الأيام. لكن تغيرت الأوضاع تغيراً جذرياً عام 1952 بقيام ثورة يوليو. فقد بدأ الصدام بين الثورة وبين القضاة في مجلس الدولة عندما ارتكبت ثورة يوليو خطيئتها الكبرى بالاعتداء على إمام الفقه العربي العلامة الدكتور عبد الرازق السنهوري، ثم فصلت الثورة عدداً من أعضاء المجلس، وعدلت قانون مجلس الدولة. ولما كان القضاء الإداري هو الذي يراقب السلطة التنفيذية ويحاول ردها إلى مبدأ المشروعية فإن التوتر بين المجلس وقيادة الثورة كان يتزايد لولا أن المحكمة الإدارية العليا التي أوجدها القانون الجديد آثرت أن تسلك مسلك المواءمة والمهادنة. واستمرت الأمور بين شد وجذب حتى وقعت مذبحة القضاء الكبرى عام 1969 نتيجة صدام عاصف بين نادى القضاة والسلطة التنفيذية. وفي ظل دستور 1970 صدرت أحكام قضائية بإبطال ما صدر من قرارات بفصل القضاة وعاد أكثر القضاة إلى مناصبهم بأقدميتهم، وآثرت قلة منهم الاستمرار في المحاماة. لكن هذه كانت جذور الريبة والشك بين القضاة والسلطة التنفيذية. عقد مؤتمر العدالة الأول في أوائل الثمانينات وتبنى مطالب أساسية للقضاة تتمثل في تدعيم استقلالهم المهني والمالي والإداري، ووعدت السلطة التنفيذية بالاستجابة. ولكن السلطة التنفيذية تلكأت طوال عقدين أو يزيد عن الاستجابة لمطالب القضاة. وكان أن عُدل قانون مباشرة الحقوق السياسية العام الماضي تعديلاً من مقتضاه أن يشرف القضاة على الانتخابات التشريعية. ورحب الرأي العام كله بذلك. ولكن الحزب الحاكم كان يريد من هذا الإشراف القضائي شكله ولا يريد مضمونه. وأحس القضاة أن فخاً قد نصب لهم من حيث لا يحتسبون ذلك أنهم حملوا أوزاراً لا يد لغالبيتهم فيها. ومرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2005 على مراحل ثلاث، وكان واضحاً بعد المرحلتين الأولى والثانية أن الحزب الحاكم سيفقد أغلبيته لو أن الانتخابات تمت بنزاهة وشفافية وبغير تزوير لإرادة الناخبين. وهنا بدأ التدخل في المرحلة الثالثة من الانتخابات ووصل التدخل إلى حد التزوير في بعض الدوائر ذات الحساسية الخاصة للحزب الحاكم. وكان أن أعلنت مستشارة في هيئة النيابة الإدارية عن حدوث تزويرات فاضحة وفاحشة في الدائرة التي كانت تشارك فيها وطالبت بالتحقيق. وقامت الدنيا ولم تقعد. وطالب قضاة كبار بضرورة التحقيق فيما أثير من تزوير حتى يؤخذ المزور بجريمته أو تثبت براءته، واتخذ نادي القضاة ـ الذي يمثلهم ـ نفس هذا الاتجاه. ولكن هذا التوجه لم يكن يرضي حزب الأغلبية وحكومته وساند اتجاه الحكومة فريق محدود من القضاة وأحيل مستشاران كبيران للمحاكمة التأديبية لأنهما كانا يقودان حركة المطالبة بضرورة التحقيق مع من اتهموا بالتزوير. وهكذا وصل الأمر إلى هذه النتيجة الغريبة. الذين طالبوا بالتحقيق مع من اتهموا بالتزوير قُدموا للمحاكمة التأديبية. والذين اتهمتهم غالبية القضاة بارتكاب تزوير في بعض الدوائر ـ ذات الحساسية الخاصة ـ لم يسألهم أحد. هذا هو السبب المباشر للأزمة، لكن للأزمة أسباباً أخرى لعل أهمها أن مشروعاً لتعديل قانون السلطة القضائية القائم كان قد أعد منذ عدة سنوات ولكن هذا المشروع ظل حبيس الأدراج في هذه الجهة أو تلك ولم يعرض على مجلس الشعب والشورى لإصداره بعد ذلك من قبل رئيس الجمهورية. ومن المهم أن ننوه أن هذا المشروع لتعديل قانون السلطة القضائية ثارت حول بعض نصوصه خلافات بين اللجنة التي أعدته في وزارة العدل من ناحية ونادي القضاة من ناحية أخرى.
والحقيقة أنه بمراجعة هذه النصوص الخلافية ـ على أهمية بعضها ـ فإن أمر إصدار القانون لم يكن يحتمل هذا التأخير الذي امتد إلى سنين وحسم الخلافات حول بعض مواد التعديل كان يمكن عن طريق الحوار الجاد الذي يستهدف الوصول إلى حلول تحقق المصلحة العامة. ولكن الخلافات لم تحسم وظل الأمر معلقاً والمشروع راكداً في الأدراج هنا أو هناك.
وواضح أن الخلاف الأساسي بين نادي القضاة ولجنة وزارة العدل يكمن في اتجاه النادي إلى تقليص اختصاصات وزير العدل بالنسبة للقضاة بما يؤكد استقلال القضاة عن السلطة التنفيذية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فنادي القضاة يذهب إلى أن يكون تشكيل مجلس القضاء من نوعين من الأعضاء بعضهم بحكم وظائفه والآخر عن طريق الانتخاب ومشروع الوزارة ومشروع النادي يلتقيان في أساسيات التعديل ولكنهما يختلفان حول نسبة المنتخبين إلى المعينين إذ يرى مشروع النادي أن تكون نسبة المنتخبين أكبر من نسبة المعينين بحكم وظائفهم ويذهب مشروع الوزارة إلى العكس. ولكن الجمع بين الأمرين متفق عليه في المشروعين. ويرى النادي ـ الذي يمثل القضاة ـ أن لا تمدد السن لأعضاء الهيئة القضائية بعد الثمانية والستين ويرى آخرون أن ترتفع هذه السن إلى السبعين. وقد يكون المنادون برفع السن إلى السبعين متأثرين باعتبارات شخصية لا تقرهم عليها الأغلبية الكبرى من رجال القضاء.
هذه بعض أسباب الأزمة الحالية: التلكؤ والتردد في عدم إصدار مشروع تعديل قانون السلطة القضائية وعدم حسم الخلافات حول بعض نصوصه, والتحرر من تدخل السلطة التنفيذية. * استاذ قانون مصري بارز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lawyerarab.yoo7.com
 
قضايا القضاة ووكلاء النيابة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصطفى حسن المحامى :: مواضيع قانونية-
انتقل الى: